لا السيفُ أصدقُ إنباءً لدى العربِ، ولا البليغُ من الأشعار والخُطبِ.. العدوّ يأسر بغدادًا وإخوتها وينشرُ الموتَ في حمصٍ وفي حلبِ، آونةً بالصلحِ يخدعنا مكرًا، وآونةً بالويلِ والحربِ.. القلبُ مكتئبٌ والدمعُ منسكبٌ والوضعُ مضطربٌ يا أمّة العربِ.. فشهدنا مصائب ما رأت عينُ الزمان لها مِثلًا لدى الأسلاف ولا حتى في الكتبِ… التاريخُ تشوّه والحاضرُ مُمّوه والمستقبلُ لا علمَ لنا بهِ ولا أملِ.. فالوطنُ مضطربٌ يا (قمّة العربِ) هل هناك من سلمٍ دون حربِ…..
هناك من يتّسمون (بالتشاؤم) اتجاه (القمة العربية الثامنة والعشرون) يشككون إزاء قدرة هذه القمة على بلورة رؤية عربية واضحة المعالم لمعالجة الأزمات الطاحنة في المنطقة، وهناك من يتّسمون (بالتفاؤل) ويعقدون آمال كثيرة في أن تُشكِل هذه القمة نقطة انطلاق (إيجابية) نحو حل تلك الأزمات، وهناك من يتأرجحون نحو التشاؤم تارة ونحو التفاؤل تارة أُخرى تائهين بتوقعاتهم من تلك القمة. وفي كل الأحوال هل يا ترى سيأتي ذلك الصباح بعد انعقاد تلك القمّة يتم الإجابة فيه على جميع تساؤلاتنا المليئة (بالهلاّت) التالية؟؟
– هل ستوقف هذه القمة “الفوضى الخلاّقة” التي تدور في الديار العربية على حساب الأوطان والإنسان؟؟
– هل ستتصدى هذه القمة للنزيف المدمّر في لعبة الأمم الإقليمية والدولية في الأوطان العربية؟؟
– هل ستكون هذه القمة نقطة انطلاق (إيجابية) يسود فيها الشعور بالمسؤولية اتجاه مصائب الشعوب العربية؟؟
– هل ستُعيد هذه القمة الهيبة العربية إلى بغداد ودمشق؟؟
– هل ستُعيد هذه القمة التجاذبات السلمية بين المشرق والمغرب وشبه الجزيرة العربية؟؟
– هل ستُنعش هذه القمة الاقتصاد الوطني والمشاريع الاقتصادية العربية؟؟
– هل ستُعيد هذه القمة سخونة المنطقة العربية العالية جدًا إلى درجة حرارتها الطبيعية؟؟
– هل ستتجاوز هذه القمة المأزق العربي وحالة التخلف المُزري وحالة الاستبداد المخجل التي تنتهك الكرامة العربية؟؟
– هل سترتكز هذه القمة على قواعد شعبية مُتصلة بالأرض ومُتجذرة في العمق الجماهيري؟؟
– هل ستكون هذه القمة العربية حقيقة فعلية أم صورة شكلية؟؟
– هل ستُتيح هذه القمة الفرصة للأجيال العربية الشابة لتحقيق (الحُلم العربي) الذي أخفق الآباء والأجداد في الوصول إليه؟؟
– هل ستُلقي هذه القمة اللوم على الجامعة العربية أم ستبحث وسائل دعمها وتطويرها وتفعيل دورها وإعطائها وزن وثُقل يليق بالعروبة؟؟
– هل ستُقدم هذه القمة مبادرات وخطط لحل الأزمات العربية وتحديات الأمن القومي العربي؟؟
– هل ستكون هذه القمة منتدى وتسجيل مواقف وإبراء ذمم كسابقاتها أم ستُفاجئنا بالجديد؟؟
– هل سترتق هذه القمة الفتق العربي وستُرمم التشرذم بين الدول العربية وسترأب صدع الأخوة العرب وستُحل الخلافات العربية المُعلنة منها والصامتة ؟؟
– هل ستُحقق هذه القمة المُصالحة العربية وستهُيىء الأجواء للعمل العربي المشترك وستصل إلى حدّ أدنى للاتفاق حول الملفات الخلافية؟؟
– هل اجتماع هذه القمة لإيجاد حل للأزمة السورية ووقف نزيف الدم العربي؟؟
– هل خاصرة العرب (فلسطين) سيكون لها مكانًا للحوار وبوادر الحلّ في هذه القمة وتوظيف قضيتها عربيًا ودوليًا ؟؟
– هل سيتم (تسوية) القضية الفلسطينية أم (تصفيتها) في هذه القمة؟؟
– هل ستحظى الشعوب العربية بالأمن والأمان بعد هذه القمة؟؟
– هل ستتعهد هذه القمة بالتصدي لدعم الإرهاب والجماعات المتطرفة؟؟
تلك الأسئلة وتلك (الهلاّت) السابقة مشروعة جدًا في هذا الوقت العصيب بالذات للشعوب العربية بمُختلف أطيافها، وتنتظر نتائج تلك القمة للاستجابة لها فعلًا لا قولًا، فنحن جميعًا في الوطن العربي قاطبة نُحمّل تلك القمة مسؤولية كبيرة لحلّ قضايانا وهمومنا الموجعة، ونعقد آمالاً كثيرة عليها..
ربُما تكون تلك القمة طوق النجاة الأخير للإنسان العربي وأوطانه المُمزقة، أو قد لا يكون هناك مفرّ أمامنا جميعًا سوى الرضوخ لحسابات معادلة ضرب الحقيقة الفعلية في (الصفر) لا سمح الله..
الوضع مضطربٌ يا قمة العرب؛؛؛ نأمل أن تكونوا بكُبر أحلامنا وبحجم توقعاتنا وبعمق آمالنا.. وفقكم الله بما هو أفضل دائمًا للإنسان وللعروبة والأوطان…
أختم بما غنّت أيقونة الحياة (فيروز) من كلمات الرحابنة:- “وطني يا جبل الغيم الأزرق.. وأيام اللي جايي جايي فيها الشمس مخبايي.. أنت القوي أنت الغني وأنت الدني يا وطني….”.
Block "%d8%aa%d8%b9%d9%84%d9%8a%d9%821" not found