إن كيدهنّ عظيم

إن كيدهنّ عظيم
6٬164 مشاهدة

المكر والحيلة والخداع التي تتمتع به بعض (النسوان) العازبات منهن أو المتزوجات لا فرق؛ يفوق ضرره الوسواس الخنّاس خطرًا.

فهنّ دائمات التخطيط والتدبير لإيذاء من هنّ أفضل منهن شأنًا وأرفع منهن قدرًا وأعلى منهن منزلة في البلاد وبين العباد، فلولا شعور تلك النسوة بالدونية وعدم استطاعتهن الوصول لِما وصلن إليه – النساء الحقيقيات لا النسوان – لَما قُمنَ بحملات القصف والتشويه والإيذاء واغتيال الشخصية واختلاق الأكاذيب حول من يشعرن اتجاههن بالغيرة المُفرطة.

العداوة (الجليّة) المُعلنة لتلك النوعية من النسوة لا تُخيف أبدًا لأن جاهزية الصدّ لإيذائهن والوقاية منها تكون حاضرة وفي حالة تأهبّ دائم، ما يؤذي حقًا وما يؤلم في ذات الوقت عندما تكون العداوة (خفيّة) وتأتي الطعنة من الظهر ممن كُنّا نعتقد أنهنّ أقرب الناس إلينا؛ فالإيذاء هنا أشدّ وقعًا على النفس وأكثر إيلامًا لأنه يأتي من مسافة قريبة جدًا، ولأن الصدمة تكون أكثر وجعًا من السلوك المؤذي نفسه.

لا يوجد تفسير لذلك السلوك البغيض سوى (الأنانية) المُطلقة بالإضافة إلى الحقد والحسد والغيرة الشديدة، مثل تلك التصرفات لا يُمكن تفسيرها بالمنطق على الإطلاق لأنها لا تنمّ إلاّ عن نفسٍ مريضة ترفض أن ترى (السعادة) تغمر من حولها، كما ترفض لهن التقدم والنجاح والشهرة، فتبقى تلك الفئة من النساء أسيرة في عالم أسود مليء بالأنانية المقيتة وحُبّ الذات المفرط حدّ المرض، وتكمن خطورته عندما يتم تغطيته بغلاف الدين المُفصّل على أهوائهن وأمزجتهن وبما يخدم مصالحهن.

على الرغم أن التشريح الدماغي للمرأة يمنحها قدرات عقلية خطيرة ورائعة إذا أُتيحت لها الفرصة لتطويرها بالعلم والمعرفة والإنتاج بما يخدم عائلتها والمجتمع والآخرين، فقدراتها العقلية (الحلزونية) تمنحها القدرة على التفكير بعدة أمور في آنٍ واحد وتحليلها وربطها ببعضها مرة واحدة، ويمنحها القدرة أيضًا على القيام بعدة أدوار معًا، كذلك يمنحها المهارة لتكوين العديد من العلاقات في ذات الوقت، وهذا ما يعجز عنه الرجل لأن تفكيره مُتتابع ويسير في (خطوط مُستقيمة) لا مُتشعبة كما المرأة.

تلك القدرة العقلية عند المرأة هو معيار قوتها في المجتمع الذكوري الذي يمنح الرجل حقوقًا أكثر وامتيازات أعلى، فتبعًا لهذا الاستقواء الذكوري يبقى لهن عقولهن فقط لاغتصاب حقوقهن؛ فبات العقل هنا هو أساس القوة لهن.

ولكن للأسف الشديد ما يحدث على أرض الواقع فعليًا هو استخدام (بعض) النسوة قدراتهن العقلية الفاخرة في الحيلة والمكر والدسائس لبلوغ أهدافهن وتحقيق غاياتهن، وغالبًا ما تكون ضد بنات جنسهن، لذلك شاعت مقولة “المرأة ضد المرأة” وزاد وجودها فعليًا لا لغوًا على الرغم من ازدياد العمل في هذا الحقل من قِبل الحقوقيات ومؤسسات المرأة.

الصورة النمطية لسمة (الكيد) وربطها بالمرأة لا ينفي أبدًا وجودها عند الرجال كذلك، وفي كل الأحوال هي صفة مذمومة ورذيلة لا تُليق بالإنسان سواء كان رجلًا أم امرأة على الصعيدين الفردي والمجتمعي.

مشاهد كيد النساء ومكرهنّ كثيرة جدًا للأسف، فقد تظهر مثلًا بمشهد المرأة (المُسترجلة) المُتملكة التي تُريد أن تتملك صديقاتها وأن تفرض عليهن قوتها وإخضاعهن قسرًا تحت إمرتها وتمنعهن من صداقات أُخرى، أو حتى تحرّم عليهن الحُبّ والزواج أيضًا، فمثل تلك المرأة تتحول (لعدوّة) بسهولة جدًا عندما تنفلت منها زمام القوة.

وهناك مشهد المرأة (العزباء) التي فاتها قطار الزواج فتشعر بالغيرة الشديدة عند زواج صديقاتها أو وقوعهن في الحُبّ.

وهناك أيضًا مشهد المرأة (المطلقة) التي ترغب أن ترى غيرها بنفس وضعها حتى لا تشعر بالدونية وتحقد على المتزوجات والسعيدات منهن على وجه الخصوص، وقد تلجأ في بعض الأحيان إلى تسميم أولادها لتخريب حياة طليقها خصوصًا في حال تزوج بامرأة أُخرى أفضل منها ويعيش معها بسعادة.

وهناك مشهد (المرأة غير السعيدة) بزواجها وتسعى بوعيٍ تارة ودون وعيٍ تارة أُخرى لتخريب حياة السعيدات من قريباتها وصديقاتها وأحيانًا بناتها من فرط الجهل.

وهناك مشهد (المرأة الصديقة المزيفة) التي تطعن صديقتها بأغلى ما تملك أو في سمعتها أو حتى التخلّي عنها وقت حاجتها وأزماتها وقد تفرح أحيانًا عند مصائبها حدّ الشماتة.

وهناك مشهد (المرأة الحسودة) التي تشتعل غيرتها نارًا ويهيج حسدها دمارًا عندما تتزوج إحداهن من شخص معروف ومشهور ومحط إعجاب النساء، كحقد جميع البنات والنساء مثلًا على وفاء الكيلاني لزواجها من تيم حسن!! ومن هذا المشهد تحديدًا هناك الكثير في مجتمعنا ليس فقط بين جمهور الفنّ.

وهناك مشهد (المرأة القنّاصة) التي تأخذ الرجل من زوجته وتخطط لذلك بالحيلة والخداع، وإذا لم تنجح تُحوّل زوجته إلى عدوة لها وتبدأ بإزعاجها وتشويه صورة الزوج أمامها من فرط غيرتها لعدم تمكنها من أخذ مكانها.

وهناك أيضًا مشهد (المرأة الحقودة) التي لا تُحبّ صديقاتها وقريباتها إلاّ وهنّ في حالة يُرثى لها من الضعف والسقوط فهذه الحالة هي فرصتها لتشعر أنها في وضع أقوى، أما في حالة قوتهن وسعادتهن ونجاحهن يستفز ذلك حقدها وغيرتها لإيذائهن أو الاكتفاء بقصفهنّ الدائم بأقل تقدير.

وهناك (المرأة المستزوجة) التي تُنشّن على رجل تعتقد أنه مناسب لها حتى لو لم يكن يحبها أو في حياته امرأة أُخرى، فتلاحقه باهتمامها المتواصل تحت مظلة الصداقة المزعومة أو الزمالة الموهومة على أمل أن تظفر به يومًا ما، وقد تصل في بعض الأحيان إلى حدّ تشويه صورة المرأة التي يُحبّ أمامه أو استفزازها باستمرار التواصل معه.

وهناك مشهد (المرأة الغيورة) التي تغار من أي امرأة أجمل منها أو أغنى منها أو أنجح منها أو محبوبة أكثر منها حتى لو كانت أصغر منها عمرًا.

وهناك مشهد (المرأة المديرة) التي تزعج النساء العاملات إن كانت مسؤولة عنهن، أو تلك التي تستخدم جمالها ومفاتنها لا كفاءتها للترقّي والحصول على المنصب.

أما المشهد الأكثر سوءًا هو (المرأة الحقوقية النسوية) عندما تؤذي تلك المرأة التي تعمل في منظمات حقوق المرأة زميلاتها اللواتي يعملن معها بالمجال نفسه أو حتى غيره، وتعمل ضدهن بالعلن أو بالخفاء، وفي الوقت نفسه تشارك تلك المرأة ذاتها بمؤتمرات الدفاع عن المرأة وحقوقها؛ فهذا هو المشهد المضحك المبكي فعلًا لمكر النساء وكيدهن مع الأسف الشديد.

اكتفي بهذا القدر من المشاهد البشعة جدًا على الرغم أنها من وحي الواقع الذي نشهده دومًا، ومن وحي مشاهداتي اليومية في مجال عملي، فهناك الكثير الكثير من المشاهد المؤلمة أيضًا التي تؤكد حقيقة مُرّة مفادها إن كيد (بعضهن) عظيمٌ جدًا. فمن منّا لم يمرّ بحياتها أحد تلك المشاهد إن لم تكن جميعها !!

اخترتُ أن أصف هذه الظاهرة القميئة في شهر رمضان المبارك عسى من تجد نفسها بين السطور أن تستغل الفرصة وتسارع لتنقية ذاتها وغسل ذنوبها وتطهير نواياها في هذا الشهر الفضيل؛ فإن الله غفور رحيم، أما النساء اللواتي عانين من قهر النساء وكيدهن فنسأل الله تعالى منحهنّ قوة العفو عند (المقدرة) إلى حين.

دة. عصمت حوسو

رئيسة مركز الجندر للاستشارات النسوية والاجتماعية والتدريب

Block "%d8%aa%d8%b9%d9%84%d9%8a%d9%821" not found

One thought on “إن كيدهنّ عظيم

  1. Huda Alhamdany says:

    تجربتك الخاصة او ماحدث في محيطك لا يعطيك الحق بلصق هذه الصفات على النساء وان كن بعضهن وعدم نكرانك لكيد الرجال ولو بنسبة ضئيلة لايعني ان الرجال أنبياء فكل ماتعانيه المرأة وماتضطر اليه هو نتيجة لتجربة فاشلة وخذلان وطعنات تلقتها من رجل.. المرأة بطبيعة تكوينها محبة ومعطاءة ومضحية فإن صادفتي نساء يحملون الضغائن والكيد فتأكدي انهن تعرضن لمعاملة او تجارب قاسية غيرت من أطباعهن

اترك تعليقاً

Don`t copy text!