نفسيتي زي الزفت معك شي؟؟ اه هلا بعطيك حبة تدعيلي أنا ما بروق إلاّ عليه لما أكون بهيك حالة…
الحوار المختصر السابق بات من المُعتاد سماعه يوميًا بين الناس؛ الأصدقاء وأحيانًا الغُرباء، الطلبة، جمعات الآنسات والمدامات، الشباب الصغار والكبار، وإذا بقي الوضع على ما هو عليه حاليًا لن نستغرب أبدًا انتشار تلك الحوارات بين الأطفال الله يحميهم ويحمي مجتمعنا..
لم نعد نرتعد خوفًا على أبنائنا وبناتنا من إدمان المخدرات والحشيش والكحول فقط، لأن الإدمان على المُهدئات في الوقت الراهن لا يقلّ خطرًا عن إدمان المواد المُخدرة السامة للأسف الشديد. غدا من الشائع جدًا أن نجد في حقائب الفتيات والسيدات وجيوب الذكور نوعًا من أنواع الحبوب المُدرجة تحت تصنيف (المُهدئات)، ومنها: فاليوم، زانكس، لكساتونيل، ريفوتريل، برازين، لورانس وغيرها، ومن باب (اعرف عدوك) لا بدّ مما ليس منه بدّ هنا وذكر أسماء الحركة – لتلك الأدوية – الدارجة هذه الأيام بين فئة الشباب والشابات، مثل صليبا، برازيلي، عشرة، ليكزو، والقائمة تطول.. لم استطع حفظها جميعًا لغرابتها وكثرتها !!
أيوجد أخطر من هذه الظاهرة المُرعبة على فلذات أكبادنا أكثر من ذلك الآن ؟؟ لا اعتقد بل أجزم أنها الظاهرة الأخطر على الإطلاق حاليًا..
لا يعني ما ذكرته سابقًا أنه يجب تحريم المُهدئات وتجريم حاملها بالمُطلق، فلا أحد ينكر أثرها العلاجي الفاعل لدواعي مرضيّة محددة، ولكنها (مشروطة) بإشراف طبي احترافي فقط. وأقصد هنا إشراف الطبيب النفسي بالتحديد وعلى وجه الخصوص، وهو فقط المخوّل بتحديد كميتها (بوصفة طبية) وتحديد كيفية ومُدة تناولها كذلك، وعلى المريض بالضرورة التزامه حرفيًا بتعليمات الطبيب. وبالمقابل، من البديهي للطبيب – أي طبيب – سهولة كشف مدّعي المرض لغرض الحصول على وصفة مهدئات من المريض الذي يحتاجها فعلًا. تحت مظلة التوصيف الأخير (فقط) نستطيع أن نعتبر المُهدئات نعمة لا نقمة، ومن الممكن اعتبارها أيضًا مُقدمة محترمة لشفاء الأعراض لا شفاء الأمراض.
من المُلحّ الآن ضرورة الانتباه والحذر الشديد من جميع الأطراف ذات العلاقة أن لا تتحول تلك الأدوية من نعمة (أمانها) إلى نقمة (إدمانها)، فتُمسي مُقدمة لفوّهة بركان أهوج على وشك الانفجار فترشق نيرانه الجميع دون استثناء بأذى غير محسوب حسابه..
دواء (ليريكا) هو الأكثر انتشارًا الآن بين الشباب والشابات، ويتم تداوله في الجامعات والمدارس في جميع الأعمار للأسف، علينا جميعًا إدراك هذا الخطر الداهم المُدمّر والتصدّي له بكافة الطرق بتضافر جهود الجميع وبأسرع وقت. فمن يتعاطى هذا الدواء وغيره دون إشراف طبي لا يدرك المخاطر والآثار السلبية له، ولا يدرك كذلك مضارّ تعاطيه بهذه الطريقة العشوائية المُرعبة.
صحيح أن حبوب (ليريكا) لم يتم إدراجها لغاية الآن ضمن قائمة العقاقير المُخدرة، وهو عادة يُستخدم من قِبل الأطباء المختصين كمضاد للصرع وكدواء إضافي في علاج الصرع الجُزئي ومُهدىء لآلام الأعصاب. ولكن بعد سؤال بعض الأطباء أهل الاختصاص، أفادوا بأن تعاطي جرعة عالية من ليريكا قد تُسبب الإدمان في بعض الحالات، واعتبروه من الأدوية التي تُستخدم لغايات الإدمان. وهذا ليس رأي أهل الاختصاص فقط، لعلّ مشاهداتنا اليومية لشباب وشابات في عمر الورد يتناولون ليريكا بسهولة تناول الأسبرين والبانادول دون إدراك خطورة ذلك هو دليل على سوء استخدام دواء ليريكا بدافع الإدمان.
وهنا نتساءل على من تقع المسؤولية بالضبط؟؟ ومن هي الجهة المطلوب منها التحرك فورًا لوقف نزيف الأرواح والموت البطيء لتناول المهدئات بشكل عام وليريكا بشكل خاص؟؟ كثيرون منّا ينتظرون الإجابة !!
خليط المُهدئات والإدمان على الشعور الذي تمنحه تلك الأدوية لمُتعاطيها للتخلص من التوتر والقلق وضنك الحياة وضغوطها، قد تلوّن حياته بألوان قوس قزح، نعم صحيح، ولكن لبرهة بسيطة فقط، ولا تلبث أن تتركه بعد فترة وجيزة أيضًا دون لون مع متاهات الإدمان.
كما اعتدنا على هذه الحياة فإن ما يأتي منها سريعًا يذهب سريعًا أيضًا، وهذا شأن دواء ليريكا وغيره، فعمره في الجسم قصير، وعتبة التهدئه تزيد مع الوقت بزيادة حاجة الجسم له بكميات مضاعفة للحصول على ذات الشعور، وهذا يعني الحاجة المُلحّة لاستخدامه بتكرارٍ عالٍ وكميات أكبر لإحداث ذات الفعل المُرضي والمريح على الجسد. فمن كان تكفيه ثلاثة أقراص يوميًا مثلًا، لن يكفيه بعد وقت (غير طويل) ضعف الكمية وربما أكثر؛ فهو كما النار في الهشيم.
من المحزن لأولئك الأشخاص أن هذا الإدمان الدوائي المُرهق يقودهم إلى بذل الكثير الكثير من الجهد للحصول عليه بطرق شرعية وغير شرعية، والاستعداد لهدر الوقت والمال وحتى (الكرامة) من أجله، وتتمحور حياته كلها حول تأمينه بكميات تزداد مع الوقت. وإن كان هناك محاولات من المُتعاطي للانقطاع لوحده دون مساعدة طبية إلاّ أنها محاولات ذاتية طالما تبوء بالفشل ولا تستمر طويلًا، ويعود في أقرب فرصة لذلك العقار؛؛ صديقه الحميم ورفيق السوء الدائم..
يجب أن ننوّه هنا أن أخذ كمية كبيرة من المُهدئات والأدوية الشبيهة سواء ليريكا أو غيره دون إشراف طبي محترف قد تودي بالحياة وتنتهي بالموت – لا قدّر الله -، خاصة إذا ترافقت مع أمراض أُخرى، أو تم خلطها بعقاقير أُخرى، والأخطر عند تعاطيها مع الكحول، وهذا ما يحدث حاليًا بكثرة بكل ذهول وحسرة…
الحياة الرديئة نفسيًا وجسديًا وماليًا وعائليًا، والسمعة السيئة والبشعة على جميع الصُعُد، هي ما تنتظر المُدمن على المُهدئات وعلى دواء ليريكا وغيره عاجلًا أم آجلًا، اتعظوا يا أولي الأمر واتعظوا يا أولي الألباب، ارحموا شبابنا بُناة المستقبل…
دومًا للحديث بقية… دمتم….
Block "%d8%aa%d8%b9%d9%84%d9%8a%d9%821" not found