تعقيبًا على الصورة المهينة للجنسين لا للمرأة فحسب، وللأسرة العربية بأسرها كذلك، التي تمّ تداولها البارحة على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي انتشرت كالنار في الهشيم، فكان منهم من تداولها وكأنها نكتة مضحكة، وآخرين شجبوها باستنكار يساوي انحطاطها، ونردّ هنا على من رسمها رقميًا سواء كانت مقصودة أم لا، فلا فرق، ونقول إن كان (وأد) البنات بدفنهنّ أحياء بعد ولادتهن مباشرة لتموت مرة واحدة وللأبد قد ساد في عصر الظلام، فإنه قد تجدّد في عصر الظلام الحالي ولكن بأدوات أحدث، فلم يتغير العصر سوى بالأمور المادية الملموسة والتي تُسمّى حضارة؛ لأنّ عتمة الفكر ما زالت موجودة وإن تطورت تكنولوجيا الكهرباء، والإرث الثقافي البالي ما زال طاغيًا وإن تطور اللباس..
تعنيف المرأة وإيذائها وتشويهها نفسيًا وجسديًا يوئد النساء ويدفنهنّ مرات ومرات دون أن تمتن؛ فهناك الكثير الكثير من النساء تموت يوميًا من الظلم والقهر والعنف وهي ما زالت على قيد الحياة..
واسمحوا لي هنا أن أعقّب على هذه الصورة وغيرها من أشكال التعنيف الأخرى التي انتشرت مؤخّرًا، باللغة العامية، لأخاطب بها عقول العوام التي تفكر بهذه الطريقة للأسف الشديد.
لمّا بدك تعامل المرأة بعقلية أجدادك ما اتدور على عروس بتشتغل عشان تساعدك بمصروف البيت؛ لأنه أجدادك كانوا ما ينقصوا شي على زوجاتهم واخواتهم وبناتهم وكانوا يصرفوا عليهم ومش مطلوب منهم يدفعوا شي، ومع هيك كانوا بردو بدلّلوهم وما بهينوهم يا زلمة..
ولما بتدور على عروس من عيلة غنية عشان أبوها يصرف عليك، أو موظفة راتبها عالي، أو امرأة معها فلوس، معناته ما بتقدر تعمل حالك (ذكر) عليها وتمارس ذكورتك بِ ما في تطلعي وما في تحكي مع شباب؛ لأنها الي أبوها تعب عليها وعلّمها وشغّلها بكون ربّاها تحمي حالها وتكون قوية قدام أمثالك، ولأنه كمان الذكورة لا تتجزّأ فمثل ما دماغك بعرّف الشرف إنك تمنع أختك وبنتك ومرتك تعيش حياتها زيك هو نفسه الشرف الي مفروض يمنعك تعيش على أكتافها وتدخل بمجهودك وبس.
وعفكرة مش عيب ولا غلط البنت تساعد زوجها بس غلط وعيب كبير تساعده ويهينها ويجرحها وما يحترمها ويعنفها بالكلام أو بالإهمال أو بالخيانة ومن فلوسها كمان يا مان..
ولما حضرتك تخونها عند أول مطبّ بتصير نزوة وهي لازم تتحمل عشان بيتها وأولادها، وعشان كلام الناس وأهلها الي ما رح يرحموها اذا ثارت لكرامتها وطلبت الطلاق لانك بتخونها أو لأنك كمان ما بتعطيها حقوقها الزوجية يا براد بيت..
ولما حضرتك تتزوج وتخطب أكتر من مرة وتترك واتطلق بصير عادي إلك ولأمثالك وين المشكلة ما بعيبك شي وبتقدر تكمل حياتك طبيعية، لكن هي إذا تطلقت بصير أكيد العيب فيها، وإذا قررت تتجوز مرة تانية لازم تتنازل عن حقوقها لأنه لقت زلمة يتفضّل عليها ويقبل يتزوجها يا جورج كلوني..
ولما حضرتك ما بتعبّر عن مشاعرك لزوجتك ولا بتهتم فيها، وبنفس الوقت رومانسيتك بتصير بتفوق روميو مع عشيقتك وعلى وسائل التواصل، وهي لازم اتضل تقضيها تحاول ترضيك وتلف على الصالونات ومراكز وعيادات التجميل عشان تعبّي عينيك الفارغة الي لا يمكن يملاها الا تراب قبرك لما تموت يا دنجوان..
ولما حضرتك بتضل في البيت بالبيجاما أو الفانيلا وشعرك منكوش وريحتك طالعة، ما بطلعلك تنتقدها اذا ما اهتمت بشكلها في البيت وهي بالمطبخ عم تطبخلك أو عم بتنظف أو حتى بدها ترتاح ولو ليوم واحد من كل طلباتك، وحابة تريح جسمها ووجهها يا جمالو يا جمالو..
ولما حضرتك بدك اتخلف عشان تزيد نسلك، ما تلومها بعدين إذا نصحت وتغير شكل جسمها، أو انشغلت عنك بأولادك؛ لأنه هاد ثمن ضريبة إنك تكون أب يا أزكى إخواته..
ولما حضرتك تخدعها بكل شي قبل الزواج وهي لازم تتحملك عشان صرت زوجها بدك على الأقل تعوضها لما الله يفرجها عليك وتعطيها حب واحترام على الأقل يا أبو الشرف..
اه صح في شي مهم كمان، واذا انت ابن الماما والبابا وما بتمون على حالك، ما تعمل زلمة عليها عشان تبسط الماما؛ لأنه لما انت تحترمها وتدللها رح تتغاضى كتير عن حركات الماما وتحترم كل حدا من طرفك عشانك بس يا محترم..
أما الشي الأهم يا أبو الشرف، ليش بتخجل تحكي اسم مرتك أو تكتب اسم بنتك على كرت العرس، بس فورًا بتكتب اسمها واسم ابوها واسم جد جدها كمان لما تخليها تاخدلك قرض الك وهي تسدلك اياه كمان، أو لما تكون بدك تاخد ميراثها منها وتنصب عليها، ساعتها مستعد تكتب اسمها في كل المحاكم ومكاتب المحامين ووين ما كان، هون ما بتصير عورة وشرفك عشان الفلوس يا حشم..
ولو ضليت احكي عن مشاهد (الفصام الأخلاقي) الي على نفس الشاكلة في مجتمع مفصوم لا يرى المرأة الجنس الثاني بس؛ بل يراها الصف الثاني كمان، أما الرجل فهو أولاً في كل شيء وزلاّته دايمًا مبرّرة لا بل مباحة، مع إنهم التنين عند الله سواء..
وبعد كل هاد وكل تعنيفك وإهاناتك وكمان بتتخوت بدك تعيد تدويرها عشان ترجع زي شاكيرا، ماشي يا جورج كلوني ويا براد بيت، هي ما بدها تكون زيهم بس بدها اياك تقلد رسول الله وتعاملها زي ما كان يعامل زوجاته وبناته ونساء المؤمنين جميعًا، بدها تتصرف معها زي أخلاقه وبس، وتصونها وتحميها متل ما ربنا وصاك بكتابه الكريم..
أكيد ما بقدر أختم إلاّ بكلام رسول الله عندما قال “استوصوا بالنساء خير”، ولما قال كذلك ” لا يكرم المرأة إلا الكريم، ولا يهين المرأة إلا اللئيم، ولا يغلبن إلا الكريم، ولا يغلبهن إلا اللئيم، وأنا أريد أن أكون – أي رسول الله صلى الله عليه وسلم – مغلوبا أي كريما ، وليس غالبا أي لئيما)..
ورفقًا بالقوارير يا سادة… ودومًا لنا من هذا الحديث كمشات حكي كتيرة وبقايا…. دمتم…..
Block "%d8%aa%d8%b9%d9%84%d9%8a%d9%821" not found