وسواس الحبّ القهري ؛؛؛
الحب (الأعمى) مقولة لا تنطبق بأي حال من الأحوال على توصيف حالة الحب (الحقيقي)، وإنما تنطبق تمامًا على حالة (وهم الوقوع في الحب) أو ما أسميناها هنا بحالة (وسواس الحب القهري)؛ البصر والبصيرة هي أساس الحبّ الحقيقي، وليس الأعمى كالبصير في الحب وأشياء أخرى ..
“وهم الوقوع في الحب” يكافىء حالة وسواسية محضة، تلك الحالة من الانجذاب للشخص غير المناسب، أو (للأسف الشديد) لشخص مناسب جدًا ولكن في وقت غير مناسب، وفي أسوأ الحالات يعني الانجذاب لشخص غير مناسب وفي وقت غير مناسب أيضًا ..
لم تحاول المصادر الطبية توصيف الحالات المتكررة شبه اليومية بتشخيص ( وسواس الحب القهري) تحت مدرجات “اضطراب الوسواس القهري” إلى الآن، على الرغم من توافر العديد من الدلائل التي تبيح للطب إدراج ذلك التشخيص كأحد أنواع اضطراب الوسواس القهري، ويعود تبرير ذلك -من وجهة نظر الكثيرين- أنّ الحب حالة إنسانية لا يمكن استنكارها وهو شعور فردي لا يحق مصادرته !!
أهم أعراض حالة ذلك الحزين المُصاب في وهم الحب أو (وسواس الحب القهري) هو الانجذاب لعلاقة غير مناسبة بشكل يناقض المعايير العقلية والإدراكية والأخلاقية الأصيلة للشخص، تأتي على شكل موجة انجذاب اقتحاميه طارئة وهو ما يماثل الوسواس.
أليس هذا العرض خطيرًا ويستدرج الشخص نحو السقوط في القاع أخلاقيًا ونفسيًا واجتماعيًا ؟؟
وعندما يُدرك ذلك المسكين (سواء رجل أو امرأة) عدم جدوى العلاقة وسوئها فإنّ محاولته لإيقافها يولد حالة من الحسرة والاشتياق في ذات الوقت، الأمر الذي يولِّد داخله حاجة لحوحة لطلب الآخر، ممّا يدفعه إلى إعادة العلاقة مرة أخرى لإخماد القلق الناجم عن قطع العلاقة وتصاعد الرغبة اللجوجة، وهكذا دواليك، وهذه أيضًا صفة وسواسية.
ألا تستدعي تلك الحلقات المفرغة التي تُعيد إنتاج نفسها وإنتاج ذات السلوك القهري بشكل مُرهق العلاج بذات الطريقة لعلاج الوسواس القهري؟؟
أما في حالة السّلم المتوقعة بعد ذلك، يبدأ استشعار عدم سداد الرأي باتجاه الشخص أو زمانه أو كلاهما فيلحّ قراره بالابتعاد، وعندما تداهم حمّى الشوق والقلق مرة أخرى يُعيد تكرار سلوك التواصل وإعادة العلاقة وعدم القدرة على الابتعاد، مما يزيد التعلّق والتعوّد بشكل وسواسي.
ألا تستحق تلك الأفكار الوسواسية معالجتها طبيًا بشكل صحيح تجنبًا لمقولة ومن الحبّ ما قتل؟؟
للأسف الشديد لا يعترف الشخص المُصاب بوسواس الحب بعدم جدوى هذا الوقوع الرديء المُتعب ولا تولد البصيرة باتجاهه إلا بعد مرور وقت طويل قد يمتد لسنوات، وقد يكون نتاجها زواجًا فاشلاً، أو علاقة مشبوهة تحت الأرض قد تقتل الشخص بسريّتها، أو سقوطًا أخلاقيًا أو اجتماعيًا أو أكاديميًا أو وظيفيًّا أو مهنيًا أو حياتيًا أو علائقيًا أو أسريًا، وهذا أيضًا ما يحاكي مسيرة الوسواس، ثم يقود عدم علاج وسواس الحب أو ترحيله إلى حيث لا ينفع الندم.
اعتقد آن الأوان الآن لإدراج هذا المرض القاتل للنفس والوجدان ضمن اللائحة الطويلة لأنواع (اضطراب الوسواس القهري)، لعلّ الحالات الكثيرة جدًا التي تراجع العيادات النفسية والاجتماعية والتي تعاني من وسواس الحب تستحق منا أو ربما تجبرنا التوقف وإعادة النظر ، كيف لا نفعل ذلك وحالات محاولات الانتحار لهذا المرض لا بأس بها !!
تعويلاً على ما سبق، نستطيع إذًا أن نجزم هنا ونقول أنّ الحب الحقيقي: هو واقع ملموس ناجح (علني) لا سرّي، وهو مدعاة للفخر والإعلان وهو ليس وهمًا أو مرضًا، والوفاء هو الوسيلة الفضلى للإعراب عن إلهية الحب وثباته، وقياس قدرة الارتباط المرتكز على العهد المقطوع ..
hashtag#دة_عصمت_حوسو
اجتماعي
وسواس الحبّ القهري ؛؛؛
67 مشاهدة

