قمّة عربية “طارئة” للأحياء أم للشهداء؟!

180 مشاهدة

التاريخُ تشوّه والحاضرُ مُمّوه والمستقبلُ لا علمَ لنا بهِ ولا أملِ .. فلا السيفُ أصدقُ إنباءً لدى العربِ، ولا البليغُ من الأشعار والخُطبِ.. العدوّ يأسر فلسطينَ واليمن وبغدادًا وإخوتها وينشرُ الموتَ في غزّة وقبلها في حمصٍ وفي حلبِ، آونةً بالصلحِ يخدعنا مكرًا، وآونةً بالويلِ والحربِ..
القلبُ مكتئبٌ والدمعُ منسكبٌ والوضعُ مضطربٌ يا أمّة الإسلام والعربِ.. فشهدنا إبادات ومصائب ما رأت عينُ الزمان لها مِثلاً لدى الأسلاف ولا حتى في الكتبِ …
فالوطنُ مضطربٌ يا (قمّة العربِ) هل هناك من سلمٍ دون حربِ؟؟!!

هناك من يتّسمون (بالتشاؤم) وهم “الأكثرية” اتجاه (القمة العربية الطارئة) بعد ٣٥ يومًا من الإبادة الجماعية وتدمير البنى التحتية وقصف المستشفيات واغتيال الأطفال والرضّع في غزّة، إلى الحدّ أن بدأوا بكتابة البيان الختامي وتداوله قبل انعقاد القمة!!
وتشكّك هذه الفئة المتشائمة إزاء قدرة هذه القمة على اتخاذ موقف “جريء” باستخدام الكروت الرابحة بأيديهم والمطالبة بوقف فوري لمجازر الكيان في غزة والضفة -لا سمح الله-كما لا يتوقع هؤلاء المتشائمون كذلك من هذه القمة بلورة رؤية عربية واضحة المعالم وتشكيل قوة عربية تفرض وجودها في الواقع في هذه اللحظة التاريخية العربية الحاسمة لمعالجة الأزمات الطاحنة في المنطقة.
وفي المقابل، هناك من ما زال يتّسم (بالتفاؤل) وهم “قلة” ويعقدون آمال كثيرة في أن تشكل هذه القمة نقطة انطلاق (إيجابية) نحو حل “المجزرة الغزّاوية” والأزمات العربية.
وهناك الفئة (المحايدة) ممن يتأرجحون نحو التشاؤم تارة ونحو التفاؤل تارة أخرى تائهين بتوقعاتهم من تلك القمة، أو بالأحرى ينتظرون الفئة التي سيغلب رأيها حتى يركبون موجتها انطلاقًا من المثل الشعبي (مع الخيل يا شقرا)..

وفي كل الأحوال لدينا جميعًا رغبة جامحة أن تجيبنا هذه القمّة العربية “الطارئة” على مجموعة من التساؤلات المشروعة المليئة (بالهلاّت) -من هل- التالية؟؟

  • هل ستتمكن هذه القمة من تحقيق الوقف الفوري لإطلاق النار ومجازر الكيان في غزّة العزّة والضفة الأسيرة؟!
  • هل ستستعيد هذه القمة ثقة الشعوب العربية بقادتها؟!
  • هل ستدرك هذه القمّة أنّ السلام والتطبيع والاتفاقيات مع العدو هو محض خرافة ولا تتعدّى (الاستسلام) وأنه لا سلام دون حرب؟! وهل ستتجرّأ على إلغاء اتفاقيات الذل والعار مع الكيان الغاصب؟!
  • هل ستعلن هذه القمة حق دعم المقاومة التي كفلها لهم القانون الدولي طالما الاحتلال موجود وطالما حقوق الشعب الفلسطيني مهدورة ومنقوصة؟! وهل ستوقف “التهجير” القسري بكل الحيل المعلنة والمستترة للشعب الفلسطيني انطلاقًا من رفض (الفكرة) والمبدأ لا رفض مكان التهجير فقط؟!
  • هل ستطالب هذه القمة بتقديم الكيان لمحاكمة دولية بعد الجرائم والمجازر التي ارتكبها في شعب غزّة الجبّار الصامد؟!
  • هل ستشكك هذه القمة في القوانين الدولية والمنظمات الحقوقية بعد أن رأينا خرسها المقصود أمام انتهاكات الكيان لحقوق الأطفال والنساء والإنسان؟!
  • هل ستتصدى هذه القمة للنزيف المدمّر في لعبة الأمم الإقليمية والدولية في الأوطان العربية بعد أن شهدنا ازدواجية معاييرهم ودعمهم السافر للكيان؟!
  • هل ستكون هذه القمة نقطة انطلاق (إيجابية) يسود فيها الشعور بالمسؤولية اتجاه مصائب فلسطين والشعوب العربية؟!
  • هل ستعيد هذه القمة (الهيبة) لسيادة الدول العربية؟!
  • هل ستعيد هذه القمة الوحدة أو في الحدّ الأدنى التجاذبات السلمية بين المشرق والمغرب وشبه الحزيرة العربية؟!
  • هل ستعيد هذه القمة سخونة المنطقة العربية العالية جدًا إلى درجة حرارتها الطبيعية؟!
  • هل ستتجاوز هذه القمة المأزق العربي وحالة التخلف المزري وحالة الاستبداد المخجل التي تنتهك الكرامة العربية؟!
  • هل سترتكز هذه القمة على قواعد شعبية متصلة بالأرض ومتجذرة في العمق الجماهيري؟!
  • هل ستكون هذه القمة العربية حقيقة فعلية أم صورة شكلية كما اعتدنا منها؟!
  • هل ستُتيح هذه القمة الفرصة للأجيال العربية الشابة لتحقيق (الحلم العربي) الذي أخفق الآباء والأجداد في الوصول إليه؟!
  • هل ستُلقي هذه القمة اللّوم على الجامعة العربية أم ستبحث وسائل دعمها وتطويرها وتفعيل دورها واعطائها وزن وثقل يليق بالعروبة؟!
  • هل ستقدم هذه القمة مبادرات وخطط لحل الأزمات والخلافات العربية وتحديات الأمن القومي العربي؟! وهل سيدرك قادة العرب أنّ الأمن القومي لأيّ دولة لا يمكن أن يتأتّى دون “الأمن الفردي” وأمن شعوبهم وأمانهم؟!
  • هل ستكون هذه القمة منتدى وتسجيل مواقف وإبراء ذمم كسابقاتها أم ستفاجئنا بالجديد؟!
  • هل سترتق هذه القمة الفتق العربي وسترمم التشرذم بين الدول العربية وسترأب صدع الأخوة العرب وستحلّ الخلافات العربية المعلنة منها والصامتة ؟!
  • هل ستحقق هذه القمة المصالحة العربية وستهيء الأجواء للعمل العربي المشترك وستصل الى حدّ أدنى للاتفاق حول الملفات الخلافية والأخلاقية؟!
  • هل اجتماع هذه القمة لإيجاد حل للحرب الظالمة على غزّة ووقف نزيف الدم الفلسطيني؟!
  • هل سيتم (تسوية) القضية الفلسطينية أم (تصفيتها) في هذه القمة؟!
  • هل ستحظى الشعوب العربية بالأمن والأمان بعد هذه القمة؟!
  • هل ستدرك هذه القمة بأنّ هذا وقتها التاريخي لإعادة النظر في حلفائها وتحالفاتها بعد أن سقطت ورقة التوت وفضحت عوراتهم ونواياهم إزاء العرب ومطامعهم في الشرق الأوسط؟!
  • هل سيدرك قادة العرب أنّ الدم العربي رخيص جدًا في أعين الغرب وأنّ الحبل على الجرّار ولا أحد بمنأى عنه والكل على الدور؟!

تلك الأسئلة وتلك (الهلاّت) السابقة مشروعة جدًا في هذا الوقت العصيب للشعوب العربية بمختلف أطيافها، وتنتظر نتائج تلك القمة للاستجابة لها فعلاً لا قولاً، فنحن جميعاً في الوطن العربي قاطبة نحمّل تلك القمة مسؤولية كبيرة عمّا حصل في غزّة وسيحصل لها بعد تلك القمة،، أو قد لا يكون هناك مفرّ أمامنا جميعًا سوى الرضوخ كالعادة لحسابات معادلة ضرب الحقيقة الفعلية في (الصفر) لا سمح الله..

الوضع مضطربٌ جدًا وجدًا يا قمة العرب؛؛؛ نأمل أن لا تكونوا بحجم خذلاننا منكم وأن تفعلوا ما هو بحجم أوجاعنا على شعب غزة الذي استبيح دمه وعرضه وأرضه، ونأمل أن تكون قمتكم بكبر أحلامنا وبحجم توقعاتنا وبعمق آمالنا.. وفقكم الله بما هو أفضل دائمًا للإنسان وللعروبة والأوطان…

لعل وعسى أن يكون لنا حديثٌ آخر وبقية أكثر تفاؤلاً بعد هذه القمة العربية “الطارئة” التي جاءت بعد خمس وثلاثين يومًا من الدمار…دمتم….

دة. عصمت حوسو

20:21

Block "%d8%aa%d8%b9%d9%84%d9%8a%d9%821" not found

اترك تعليقاً

Don`t copy text!